فصل: ما ورد في الماء المشمس

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **


  ما ورد في الماء المشمس

- ورود مرفوعًا من حديث عائشة‏.‏ ومن حديث أنس وموقوفًا على عمر‏.‏

- أما حديث عائشة، فله خمس طرق‏:‏ أحدها‏:‏ عند الدارقطني ‏[‏ص 14، والبيهقي‏:‏ ص 6 - ج 1‏]‏ ثم البيهقي في ‏"‏سننهما‏"‏ عن خالد بن إسماعيل عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، قالت‏:‏ أسخنت ماءًا لرسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ في الشمس ليغتسل به، فقال لي‏:‏ ‏"‏يا حميراء لا تفعلي، فإنه يورث البرص‏"‏، انتهى‏.‏ قال الدارقطني‏:‏ خالد بن إسماعيل متروك، وقال ابن عدي ‏[‏قول ابن عدي هذا رواه البيهقي مع قول الدارقطني عنهما في ‏"‏السنن‏"‏ ص 6، وكذا القول الآتي عن ابن عدي‏:‏ ص 7‏.‏‏]‏‏:‏ يضع الحديث على ثقات المسلمين‏.‏ الثانية‏:‏ عند ابن حبان في ‏"‏كتاب الضعفاء‏"‏ عن أبي البختري وهب بن وهب عن هشام به، قال ابن عدي‏:‏ هو شر من خالد‏.‏ الثالثة‏:‏ عند الدارقطني عن الهيثم بن عدي عن هشام به، قال النسائي والدارمي‏:‏ الهيثم بن عدي متروك، ونقل ابن الجوزي عن ابن معين أنه قال‏:‏ كان يكذب‏.‏ الرابعة‏:‏ عند الدارقطني ‏[‏ص 14، ثم البيهقي من طريقه‏:‏ ص 7 - ج 1‏]‏ عن عمرو بن محمد الأعشم عن فليح عن عروة عن عائشة، قالت‏:‏ نهى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أن يتوضأ بالماء المشمس أو يغتسل به، وقال‏:‏ ‏"‏إنه يورث البرص‏"‏، انتهى‏.‏ قال الدارقطني‏:‏ عمرو بن محمد الأعشم منكر الحديث، ولم يروه عن فليح غيره، ولا يصح عن الزهري، وأغلظ ابن حبان في عمرو بن محمد الأعشم القول، وذكر ابن الجوزي هذا الحديث من هذه الطرق الأربعة في ‏"‏الموضوعات‏"‏‏.‏

الطريق الخامس‏:‏ رواه الدارقطني في ‏"‏كتابه غرائب مالك‏"‏ من حديث إسماعيل بن عمرو الكوفي عن ابن وهب عن مالك عن هشام به، ولفظه‏:‏ قالت‏:‏ سخنت لرسول الله ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ماءًا في الشمس يغتسل به، فقال‏:‏ ‏"‏لا تفعلي يا حميراء فإنه يورث البرص‏"‏ انتهى‏.‏ قال الدارقطني‏:‏ هذا باطل عن مالك، وعن ابن وهب، ومن دون ابن وهب ضعفاء، وإنما رواه خالد بن إسماعيل المخزومي، وهو متروك عن هشام، انتهى‏.‏ وإلى هذه الطريق أشار البيهقي في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏ص 7 - ج 1‏]‏ فقال‏:‏ وروي بإسناد آخرمنكر عن ابن وهب عن مالك عن هشام، ولا يصح، انتهى‏.‏

- طريق آخر أخرجه الطبراني في ‏"‏معجمه الوسط‏"‏ عن محمد بن مروان السدّي عن هشام بن عروة عن أبيه به، وقال‏:‏ لم يروه عن هشام إلا محمد بن مروان، ولا يروى عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ إلا بهذا الإِسناد، انتهى‏.‏ وَوَهَم في ذلك‏.‏

- وأما حديث أنس، فرواه العقيلي في ‏"‏كتاب الضعفاء‏"‏ من حديث علي بن هشام الكوفي ثنا سوادة ‏[‏هو ابن إسماعيل‏]‏ عن أنس أنه سمع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يقول‏:‏ ‏"‏لا تغتسلوا بالماء الذي يسخن في الشمس فإنه يعدي من البرص‏"‏، انتهى‏.‏ قال العجيلي‏:‏ وسوادة عن أنس مجهول، وحديثه غير محفوظ، ولا يصح في الماء المشمس حديث مسند، إنما هو شيء يروى من قول عمر، انتهى‏.‏ ومن طريق العقيلي رواه ابن الجوزي في ‏"‏الموضوعات‏"‏ ونقل كلامه بحروفه، وأما موقوف عمر، فرواه الشافعي‏:‏ أخبرنا إبراهيم بن محمد الأسلمي، أخبرني صدقة بن عبد اللّه عن أبي الزبير عن جابر أن عمر كان يكره الاغتسال بالماء المشمس، وقال‏:‏ إنه يورث البرص، انتهى‏.‏ ومن طريق الشافعي، رواه البيهقي‏.‏

- طريق آخر أخرجه الدارقطني، ثم البيهقي عن إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو عن حسان بن أزهر، قال‏:‏ قال عمر‏:‏ لا تغتسلوا بالماء المشمس، فإنه يورث البرص، انتهى‏.‏ وصفوان بن عمرو حمصي، ورواية إسماعيل بن عياش عن الشاميين صحيحة، وقد تابعه المغيرة بن عبد القدوس، فرواه عن صفوان به، ورواه ابن حبان في ‏"‏كتاب الثقات‏"‏ في ترجمة حسان بن أزهر‏"‏ واللّه أعلم‏.‏ وسند الشافعي فيه الأسلمي، قال البيهقي في ‏"‏المعرفة‏"‏‏:‏ قال الشافعي‏:‏ كان قدريًا، لكنه كان ثقة في الحديث، فلذلك روى عنه، انتهى‏.‏ وصدقة بن عبد اللّه هو ‏"‏السمين‏"‏ قال البيهقي في ‏"‏سننه‏"‏ في باب زكاة العسل‏"‏ ضعفه أحمد‏.‏ وابن معين‏.‏ وغيرهما، انتهى‏.‏

*3* ما ورد في الماء المسخن

- روى البيهقي في ‏"‏سننه ‏[‏ص 5 - ج 1‏]‏‏"‏ والطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏ من حديث العلاء بن الفضل بن موسى المنقري ‏[‏قلت‏:‏ في ‏"‏البيهقي‏"‏ علاء بن الفضل بن عبد اللّه، وفي ‏"‏التهذيب‏"‏ علاء بن الفضل بن عبد الملك المنقري‏.‏‏]‏ ثنا الهيثم بن رزين عن أبيه عن الأسلع بن شريك، قال‏:‏ كنت أرحل ناقة رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فأصابتني جنابة في ليلة باردة، وأراد رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ الراحلة، فكرهت أن أرحل ناقته وأنا جنب، وخشيت أن أغتسل بالماء البارد فأموت أو أمرض، فأمرت رجلًا من الأنصار فرحلها، ووضع أحجارًا فأسخنت بها ‏[‏وفي نسخة ‏"‏فيها‏]‏ ماءًا فاغتسلت، ثم لحقت برسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ وأصحابه، فقال‏:‏ ‏"‏يا أسلع مالي أرى راحلتك تضطرب‏؟‏‏"‏ فقلت‏:‏ يا رسول اله لم أرحلها، ولكن رحلها رجل من الأنصار، قال‏:‏ ‏"‏ولم‏؟‏‏"‏ قلت‏:‏ أصابتني جنابة فخشيت البرد ‏[‏وفي نسخة ‏"‏القر‏"‏‏.‏‏]‏ على نفسي، فأمرته أن يرحلها، ووضعت أحجارًا، فأسخنت ماءًا فاغتسلت به، فأنزل اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 43‏]‏‏.‏ إلى قوله تعالى ‏{‏عفوًّا غفورًا‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 43‏]‏ انتهى‏.‏ قال الذهبي في ‏"‏مختصر سنن البيهقي‏"‏‏:‏ تفرد به العلاء بن الفضل، وليس بحجة، انتهى‏.‏

- حديث آخر موقوف أخرجه الدارقطني ‏[‏ص 14‏]‏ ثم البيهقي في ‏"‏سننهما‏"‏ عن علي بن غراب عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر أنه كان يسخن له ماءًا في قمقمة ثم يغتسل به، قال الدارقطني‏:‏ إسناده صحيح، انتهى‏.‏ وفيه رجلان تكلم فيهما‏:‏ أحدهما‏:‏ علي بن غراب، فممن وثقه الدارقطني وابن معين، وممن ضعفه أبو داود‏.‏ وغيره، وقال الخطيب‏:‏ تكلكوا فيه لمذهبه، فإنه كان غاليًا في التشييع‏.‏ والآخر‏:‏ هشام بن سعد، فهو وإن أخرج له مسلم فقد ضعفه النسائي، وعن ابن حنبل أنه ذكره، فلم يرضه، وقال‏:‏ ليس بمحكم للحديث‏.‏ قوله‏:‏ في ‏"‏الكتاب‏"‏‏:‏ لأن الميت يغسل بالماء الذي أغلى فيه السدر، بذلك وردت السنة ‏[‏ظني أنه لم يرد بها سنة رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، بل الطريق المتوارث، واللّه أعلم‏]‏‏.‏ يحسن شيخنا علاء الدين، إذ استشهد لهذا الحديث الذي وقصته راحلته، وفيه‏:‏ ‏"‏فقال‏:‏ اغسلوه بماء وسدر‏"‏، والذي قلده الشيخ اعتذر، فقال بعد أن ذكره‏:‏ ليس في الحديث أن الماء أغلى بالسدر، فيقال له‏:‏ فأي فائدة في ذكره‏؟‏ قوله‏:‏ وقال مالك‏:‏ يجوز ما لم يتغير طعمه أوصافه، لما روينا، قلت‏:‏ يشير إلى حديث ‏"‏الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما غير لونه‏.‏ أو طعمه‏.‏ أو ريحه‏"‏ وقد تقدم قريبًا ‏[‏أي ص 49‏]‏‏.‏

ومما يستدل به على ذلك مالك، حديث المستيقظ، رواه أصحاب الكتب الستة، ووجهه أنه نهى أن يغمس يده في الإناء عندهم التوهم، فأولى عند التحقيق، وبحديث أبي هريرة ‏"‏لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب‏"‏ فقال‏:‏ كيف يفعل‏؟‏ قال‏:‏ يتناوله تناولًا، رواه مسلم ‏[‏ص 138، وكذا ابن ماجه ص 45‏]‏ هكذا بهذا اللفظ، ورواه البيهقي ‏[‏ص 238‏]‏ بسند على شرط مسلم أنه عليه السلام نهى أن يبال في الماء الدائم، وأن يغتسل فيه من الجنابة، انتهى‏.‏ ورواه أبو داود ‏[‏في ‏"‏باب البول في الماء الراكد‏"‏ ص 11‏.‏‏]‏‏.‏ وابن ماجه ‏[‏ص 29‏]‏ كذلك، ولفظهما‏:‏ ‏"‏لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من الجنابة‏"‏، انتهى ‏[‏ولفظه‏:‏ ‏"‏ولا يغتسل فيه من الجنابة‏"‏ ليست في رواية ابن ماجه‏]‏‏.‏

- الحديث الخامس والثلاثون‏:‏ قال النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏

- ‏"‏إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثًا‏"‏،

قلت‏:‏ رواه أصحاب السنن الأربعة ‏[‏النسائي في ‏"‏باب التوقيت في الماء‏"‏ ص 19، وأبو داود في ‏"‏باب ما ينجس الماء‏"‏، ص 10، والترمذي في ‏"‏باب أن الماء لا ينجسه شيء‏"‏ ص 11، وابن ماجه في ‏"‏باب مقدار الماء الذي لا ينجس‏"‏ ص 39‏]‏ من حديث ابن عمر، قال سمعت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وهو يسأل عن الماء يكون في الفلاة من الأرض، وما ينوبه من السباع والدواب، قال‏:‏ ‏"‏إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث‏"‏، انتهى‏.‏ ورواه ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏ في القسم الثاني منه، وأعاده في القسم الثالث، ولفظه‏:‏ ‏"‏لم ينجسه شيء‏"‏، ورواه الحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏ ‏[‏ص 132‏]‏ وقال‏:‏ صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وأظنه لا خلاف فيه على أبي أسامة عن الوليد بن كثير، انتهى‏.‏ وقد أجاد الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد في ‏"‏كتاب الإمام‏"‏ جمع طرق هذا الحديث ورواياته واختلاف ألفاظه، وأطال في ذلك إطالة تلخص منها تضعيفه له ‏[‏هذا خلاف ما قال ابن السبكي في ‏"‏الطبقات‏"‏ ص 20 - ج 6، صحح الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد حديث القلتين، واختار ترك العمل به لا لمعارض أرجح، بل لأنه لم يثبت عنده - بطريق يجب الرجوع إليه شرعًا - تعيين مقدار القلتين، اهـ‏.‏‏]‏ فلذلك أضرب عن ذكره في ‏"‏كتاب الإلمام‏"‏ مع شدّة احتياجه اليه‏.‏ وأنا أذكر ما قاله ملخصًا محررًا، وأبين ما وقع فيه من الاضطراب لفظًا ومعنى‏.‏

أما اضطرابه في اللفظ، فمن جهة الإسناد‏.‏ والمتن، أما إسناده، فمن ثلاث روايات‏:‏ أحدهما رواية الوليد بن كثير، رواها أبو داود عن محمد بن العلاء عن أبي أسامة حماد بن أسامة عن الوليد عن محمد بن جعفر بن زبير بت عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عمر عن أبيه سئل النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ عن الماء، وما ينوبه من الدواب والسباع، فقال عليه السلام‏:‏ ‏"‏إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث‏"‏، ورواه هكذا عن أبي أسامة عن الوليد عن محمد بن جعفر عن عبد اللّه بن عبد اللّه جماعة‏:‏ منهم إسحاق بن راهويه‏.‏ وأحمد بن جعفر الوكيعي‏.‏ وأبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ وأبو عبيد بن أبي السفر‏.‏ ومحمد بن عَبادة ‏"‏بفتح العين‏"‏ وحاجب بن سليمان‏.‏ وهناد بن السري‏.‏ والحسين بن حريث، وروى عن أبي أسامة عن الوليد عن محمد بن عباد بن جعفر، قال أبو مسعود الرازي الحافظ ‏[‏هو أحمد بن فرات‏]‏‏:‏ وعثمان بن أبي شيبة من رواية أبي داود، وعبد اللّه بن الزبير الحميدي‏.‏ ومحمد بن حسان الأزرق‏.‏ ويعيش بن الجهم‏.‏ وغيرهم ‏[‏كأحمد بن زكريا‏.‏ وعلي بن شعيب‏.‏ ومحمد بن عثمان بن كرامة‏.‏ وأحمد بن عبد الحميد الحارثي‏.‏ وحسين بن علي بن الأسود‏.‏ وعلي بن محمد بن أبي الخطيب‏.‏ ومحمد بن الفضيل البلخي‏.‏ كل هؤلاء عند الدارقطني‏:‏ ص 6، وص 7، والحسن بن علي عند أبي داود‏:‏ ص 10‏]‏ وتابعهم الشافعي عن الثقة عنده عن الوليد عن محمد بن عباد بن جعفر، قاله الدارقطني، وذكر ابن مندة أن أبا ثور رواه عن الشافعي عن عبد اللّه بن الحارث المخزومي عن الوليد بن كثير، قال‏:‏ ورواه موسى بن أبي الجارود عن البويطي عن الشافعي عن أبي أسامة‏.‏ وغيره عن الوليد بن كثير، فدل روايته على أن الشافعي سمع هذا الحديث من عبد اللّه بن الحارث، وهو من الحجازيين‏.‏ ومن أبي أسامة، - وهو كوفي - جميعًا عن الوليد بن كثير، وقد اختلف الحفاظ في هذا الاختلاف بين محمد بن عباد‏.‏ ومحمد بن جعفر، فمنهم من ذهب إلى الترجيح، فيقال‏:‏ عن أبي داود أنه لما ذكر حديث محمد بن عباد، قال‏:‏ هو الصواب ‏[‏اختلف في نسخ أبي داود ههنا، ففي بعضها‏:‏ هذا هو الصواب، والمشار اليه القريب، هو محمد بن عباد، وفي بعض النسخ‏:‏ قوله‏:‏ الصواب محمد بن جعفر‏]‏ وذكر عبد الرحمن بن أبي حاتم في ‏"‏كتاب العلل‏"‏ عن أبيه أنه قال‏:‏ محمد بن عباد بن جعفر ثقة، ومحمد بن جعفر بن الزبير ثقة، والحديث لمحمد بن جعفر بن الزبير أشبه، وقال ابن مندة‏:‏ واختلف على أبي أسامة، فروى عنه عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر، وقال‏:‏ مرة عن محمد بن جعفر بن الزبير، وهو الصواب، لأن عيسى بن يونس، رواه عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عمر عن أبيه أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، سئل، فذكره، وأما الدارقطني فإنه جمع بين الروايتين، فقال‏:‏ ولما اختلف على أبي أسامة في إسناده أحببنا أن نعلم من أتى بالصواب في ذلك، فوجدنا شعيب بن أيوب قد رواه عن أبي أسامة عن الوليد بن كثير على الوجهين جميعًا، عن محمد بن جعفر بن الزبير، ثم أتبعه عن محمد بن عباد بن جعفر، فصح القولان جميعًا، عن أبي أسامة، وصح أن الوليد بن كثير رواه عن محمد بن جعفر بن الزبير، وعن محمد بن عباد بن جعفر جميعًا، فكان أبو أسامة يحدث به عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير، ومرة يحدث به عن الوليد عن محمد بن عباد بن جعفر، ثم روى عن أبي بكر أحمد بن محمد بن سعدان الصيدلاني ‏[‏ذكره الخطيب في ‏"‏تاريخه‏"‏ ص 137 - ج 5، ولم يذكر توثيقه، فيكشف عن حاله‏.‏ عن شعيب بن أيوب عن أبي أسامة عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير، فذكره ثم رواه عن ابن سعدان عن شعيب بن أيوب ‏[‏شعيب بن أيوب بن زريق بن معبد بن شيطا الطريفيني القاضي، وثقه الحاكم‏.‏ والدارقطني، وذكره ابن حبان في الثقات، قال‏:‏ كان على قضاء واسط يخطئ ويدلس، كلما حدث جاء في حديثه من المناكير، وقال فيه أبو داود‏:‏ سليمان بن الأشعث إني لأخاف اللّه في الرواية عنه، قاله الخطيب في ‏"‏تاريخه‏"‏ ص 244 - ج 9‏]‏ عن أبي اسامة عن الوليد بن كثير عن محمد بن عباد بن جعفر عن عبد اللّه بن عبد اللّه بن عمر عن أبيه عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بمثله، وكذلك فعل البيهقي، فأخرج رواية عن إسماعيل بن قتيبة عن أبي بكر‏.‏

وعثمان ابنا أبي شيبة بذكر محمد بن جعفر بن الزبير، إلى خلاف رواية أبي داود عن عثمان بن أبي شيبة بذكر محمد بن عباد بن جعفر، وذكر رواية أخرى من جهة أبي العباس محمد بن يعقوب ‏[‏هو الحافظ الأصم‏]‏ عن أحمد بن عبد الحميد الحارثي، فيها ذكر محمد بن جعفر بن الزبير، على خلاف رواية الدارقطني عن أحمد بن محمد بن سعيد عن أحمد بن عبد الحميد الحارثي، وفيها ذكر محمد بن عباد بن جعفر، وقصدا بذلك الدلالة على صحة الروايتين جميعًا، قال البيهقي‏:‏ وأخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ حدثني أبو علي محمد بن علي الاسفرائني من أصل ‏"‏كتابه‏"‏ وأنا سألته حدثنا علي بن عبد الملك بن مبشر الواسطي ثنا شعيب بن أيوب ثنا أبو أسامة الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير، ومحمد بن عباد بن جعفر عن عبد اللّه بن عبد اللّه بن عمر عن أبيه، قال‏:‏ سئل رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ عن الماء بمثله، وههنا اختلاف آخر، وهو أن الصواب في الرواية ‏"‏عبيد اللّه بن عمر‏"‏ لا ‏"‏عبد اللّه‏"‏ أو كل واحد منهما صواب، فكأن إسحاق بن راهويه، فيما حكاه عنه البيهقي في ‏"‏المعرفة‏"‏ يقول‏:‏ غلط أبو أسامة في عبد اللّه بن عبد اللّه إنما هو عبيد اللّه بن عبد اللّه، واستدل بما رواه عن عيسى بن يونس عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عمر قال‏:‏ سئل النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فذكره، إلا أن عيسى بن يونس أرسله، ورأيت في ‏"‏كتاب - إسماعيل بن سعيد الكسائي‏"‏ عن إسحاق بن إبراهيم عن عيسى بن يونس موصولًا، ورواه عباد بن صهيب عن الوليد، وقال‏:‏ عن عبيد اللّه بن عبد اللّه عن أبيه موصولًا، والحديث مسند في الأصل، فقد رواه محمد بن إسحاق بن يسار عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عمر عن أبيه، قال‏:‏ سئل رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فذكره ‏"‏أعني البيهقي‏"‏ وذكر ابن مندة عن رواية عيسى بن يونس موصولة، وذكر أن رواية عيسى بن يونس أشبه، لأن هذا الحديث رواه عبد اللّه بن المبارك‏.‏ وغيره عن محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عمر أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، مثل رواية عيسى بن يونس عن الوليد بن كثير، قال‏:‏ فهذا إسناد صحيح على شرط مسلم في عبيد اللّه بن عبد اللّه، ومحمد بن جعفر، ومحمد بن إسحاق‏.‏ والوليد بن كثير قال‏:‏ روى هذا الحديث حماد بن سلمة عن عاصم بن المنذر عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عمر عن أبيه، رواه إسماعيل بن علية عن عاصم بن المنذر عن رجل عن ابن المنذر ‏[‏في ‏"‏الدارقطني‏"‏ ص 9‏:‏ عن ابن عمر موقوفًا، بدل‏:‏ ابن المنذر‏]‏ فهذا محمد بن إسحاق وافق عيسى بن يونس عن الوليد بن كثير في ذكر محمد بن جعفر بن الزبير، وعبيد اللّه بن عبد اللّه بن عمر، وروايتهما وافق رواية حماد بن سلمة‏.‏ وغيره عن عاصم بن المنذر في ذكر عبيد اللّه بن عبد اللّه، فثبت هذا الحديث باتفاق أهل المدينة‏.‏ والكوفة‏.‏ والبصرة على حديث عبيد اللّه بن عبد اللّه، وباتفاق محمد بن إسحاق‏.‏ والوليد بن كثير عن روايتهما عن محمد بن جعفر بن الزبير، فعبيد اللّه‏.‏ وعبد اللّه ابنا عبد اللّه بن عمر مقبولان بإجماع من الجماعة في ‏"‏كتبهم‏"‏، وكذلك محمد بن جعفر بن الزبير، ومحمد بن عباد بن جعفر‏.‏ والوليد بن كثير في ‏"‏كتاب مسلم‏"‏ وأبي داود‏.‏ والنسائي، وعاصم بن المنذر يعتبر بحديثه، ومحمد بن إسحاق أخرج عنه مسلم‏.‏ و أبو داود‏.‏ والنسائي، وعاصم بن المنذر استشهد به البخاري في مواضع، وقال شعبة‏:‏ محمد بن إسحاق أمير المؤمنين في الحديث، وقال عبد اللّه بن المبارك‏:‏ محمد بن إسحاق ثقة ثقة ثقة، انتهى‏.‏ قال الشيخ ‏[‏11‏]‏‏:‏ وكان أبا عبد اللّه بن مندة حكم بالصحة على شرط مسلم من جهة الرواة، وأعرض عن جهة الرواية وكثرة الاختلاف فيه والاضطراب، ولعل مسلمًا تركه لذلك، وحكى البيهقي في ‏"‏كتاب المعرفة‏"‏ عن شيخه أبي عبد اللّه الحافظ أنه كان يقول‏:‏ الحديث محفوظ عنهما جميعًا ‏"‏أعني عن عبيد اللّه‏.‏ وعبد اللّه بن عبد اللّه‏"‏ كلاهما رواه عن أبيه، قال‏:‏ وذهب اليه كثير من أهل الرواية، وهذا خلاف ما يقتضيه كلام أبي زرعة فيما حكاه عبد الرحمن بن أبي حاتم، قال‏:‏ سألت أبي زرعة عن حديث محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير، فقلت‏:‏ إنه يقول‏:‏ عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عمر عن أبيه عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، ورواه الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبد اللّه بن عبد اللّه بن عمر عن أبيه عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ ‏"‏إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء‏"‏ قال أبو زرعة‏:‏ ابن إسحاق ليس يمكن أن يقضي له، قلت‏:‏ ما حال محمد بن جعفر‏؟‏ فقال‏:‏ صدوق‏.‏

الرواية الثانية‏:‏ رواية محمد بن إسحاق لهذا الحديث، وقد أخرجه الترمذي من حديث هناد ‏[‏عن عبدة‏:‏ ص 11‏]‏ وأبو داود ‏[‏ص 10‏]‏ من حديث حماد بن سلمة‏.‏ ويزيد بن زريع‏.‏ وابن ماجه ‏[‏ص 40‏]‏ من حديث يزيد بن هارون‏.‏ وابن المبارك كلهم عن ابن إسحاق، ورواه أحمد بن خالد الوهبي‏.‏ وإبراهيم بن سعد الزهري‏.‏ وزائدة بن قدامة، ورواه عبيد اللّه ‏[‏حديثه عند البيهقي‏:‏ ص 161‏]‏ بن محمد عن عائشة عن حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق بسنده، وقال فيه‏:‏ إن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ سئل عن الماء يكون بالفلاة، وترده السباع‏.‏ والكلاب، فقال‏:‏ ‏"‏إذا كان الماء قلتين لا يحمل الخبث‏"‏ رواه البيهقي، وقال‏:‏ كذا قال‏:‏ السباع والكلاب، وهو غريب، وكذلك قاله موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة، وقال إسماعيل بن عياش عن محمد بن إسحاق - الكلاب والدواب - إلا أن ابن عياش اختلف عليه في إسناده، انتهى‏.‏ وهذا الاختلاف الذي أشار اليه هو المحفوظ عن ابن عياش عن محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عمر عن أبيه، ورواه محمد بن وهب السلمي عن ابن عياش عن ابن إسحاق عن الزهري عن عبيد اللّه بن عبد اللّه عن أبي هريرة عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أنه سئل عن القليب يلقى فيه الجيَف، ويشرب منه الكلاب والدواب، قال‏:‏ ‏"‏ما بلغ قلتين فما فوق ذلك لم ينجسه شيء‏"‏ رواه الدارقطني، وروي أيضًا من جهة عبد الوهاب بن عطاء عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، أخرجه عن محمد بن عبد اللّه بن إبراهيم عن عبد اللّه بن أحمد بن خزيمة عن علي بن سلمة اللبقي عن عبد الوهاب، ورواه المغيرة بن سقلاب عن ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر‏.‏

الرواية الثالثة‏:‏ رواية حماد بن سلمة عن عاصم بن المنذر، واختلف في إسنادها ومتنها، أما الإِسناد، فرواه أبو داود وابن ماجه عن موسى بن إسماعيل عن حماد عن عاصم عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عمر، قال‏:‏ حدثني أبي أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ ‏"‏إذا كان الماء قلتين، فإنه لا ينجس‏"‏، وخالف حماد بن زيد، فرواه عن عاصم بن المنذر عن أبي بكر بن عبيد اللّه بن عبد اللّه موقوفًا، قال الدارقطني‏:‏ وكذلك رواه إسماعيل بن علية عن عاصم بن المنذر عن رجل لم يسمه عن ابن عمر موقوفًا أيضًا، وأما الاختلاف في اللفظ، فإن يزيد بن هارون رواه عن حماد بن سلمة، فاختلف فيه على يزيد، فقال الحسن بن محمد الصباح عنه عن حماد عن عاصم، قال‏:‏ دخلت مع عبيد اللّه بن عبد اللّه بستانًا فيه مقراة ماء ‏[‏وفي نسخة‏"‏ مقر ماء‏"‏‏.‏‏]‏ فيه جلد بعبر ميت، فتوضأ فيه، فقلت له‏:‏ أتتوضأ منه وفيه جلد بعير ميت‏؟‏ فحدثني عن أبيه عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ ‏"‏ إذا بلغ الماء قلتين أو ثلاثًا لم ينجسه شيء‏"‏ أخرجه الدارقطني‏.‏ وعبد بن حميد‏.‏ وإسحاق بن راهويه في ‏"‏مسنديهما‏"‏ ورواه أبو مسعود الرازي عن يزيد، فلم يقل‏:‏ أو ثلاثًا، قال الدارقطني‏:‏ وكذلك رواه إبراهيم بن الحجاج‏.‏ وهدبة بن خالد‏.‏ وكامل بن طلحة عن حماد بن سلمة بهذا الإسناد، قالوا فيه‏:‏ إذا بلغ الماء قلتين أو ثلاثًا، ورواية إبراهيم بن الحجاج‏.‏ وهدبة بن خالد عن حماد به عند الحاكم في ‏"‏مستدركه‏"‏ ‏[‏ص 134‏]‏ قال‏:‏ إذا بلغ الماء قلتين أو ثلاثًا لم ينجسه شيء، قال الحاكم‏:‏ ورواه عفان بن مسلم‏.‏ وغيره من الحفاظ عن حماد لم يقولوا فيه‏:‏ أو ثلاثًا، انتهى، قلت‏:‏ وكذلك رواه وكيع عن حماد بن سلمة بسنده، وقال‏:‏ إذا كان الماء قلتين أو ثلاثة لم ينجسه شيء، رواه ابن ماجه في ‏"‏سننه‏"‏‏[‏ ص 40‏]‏، ثم قال الدارقطني، بعد تخريج ما ذكر من الروايات‏:‏ ورواه عفان بن مسلم‏.‏ ويعقوب بن إسحاق الحضرمي‏.‏ وبشر بن السري‏.‏ والعلاء بن عبد الجبار المكي‏.‏ وموسى بن إسماعيل‏.‏ وعبيد اللّه العيشي ‏[‏نسبة إلى جدته عائشة‏]‏ عن حماد بن سلمة بهذا الإسناد، وقالوا فيه‏:‏ إذا كان الماء قلتين لم ينجس، ولم يقولوا‏:‏ أو ثلاثًا، ثم أخرج هذه الروايات، ولحديث ابن عمر طريقان آخران‏:‏ أحدهما‏:‏ من رواية إبراهيم بن محمد عن أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن عن أبي بكر بن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عمر عن أبيه، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء‏"‏، أخرجه الدارقطني‏.‏ وإبراهيم بن محمد هو‏"‏ ابن أبي يحيى الأسلمي‏"‏ وقد مر ذكره‏.‏ والثاني‏:‏ رواه عبد اللّه بن الحسين بن جابر عن محمد بن كثير المصيصي عن زائدة عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ ‏"‏إذا كان الماء قلتين فلا ينجسه شيء‏"‏ أخرجه الدارقطني عن محمد بن إسماعيل الفارسي عنه، وقال‏:‏ رفعه هذا الشيخ عن محمد بن كثير عن زائدة، ورواه معاوية بن عمرو عن زائدة موقوفًا، وهو الصواب، ثم خرجه، واللّه أعلم‏.‏

‏(‏يتبع‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏

‏(‏تابع‏.‏‏.‏‏.‏ 1‏)‏‏:‏ - الحديث الخامس والثلاثون‏:‏ قال النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏‏.‏‏.‏‏.‏ ‏.‏‏.‏‏.‏

وأما الاضطراب في متنه، فقد تقدم من ذلك شيء، وروى الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ وابن عدي في ‏"‏الكامل‏"‏ والعقيلي في ‏"‏كتابه‏"‏ عن القاسم بن عبيد اللّه العمري عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد اللّه، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏إذا بلغ الماء أربعين قلة فإنه لا يحمل الخبث‏"‏، انتهى‏.‏ قال الدارقطني‏:‏ كذا رواه القاسم العمري عن ابن المنكدر عن جابر، ووَهَم في إسناده، وكان ضعيفًا كثير الخطأ، وخالفه روح بن القاسم‏.‏ وسفيان الثوري‏.‏ وعمر بن راشد رووه عن ابن المنكدر عن عبد اللّه بن عمر ‏[‏كل من لخص كلام الإمام، كالزيلعي‏.‏ وابن الهمام في ‏"‏الفتح‏"‏ ص 52 - ج 1‏.‏ والحلبي الكبير في ‏"‏شرح المنية‏"‏ ص 96، قالوا‏:‏ عبد اللّه بن عمر، والذي في ‏"‏الدارقطني‏"‏ ص 10‏:‏ عبد اللّه بن عمرو، هو ابن العاص، فهذا الخطأ إما من الإمام، وتبعه عليه من تبعه، أو من نساخ ‏"‏الزيلعي‏.‏ والفتح‏.‏ والحلبي الكبير‏:‏ فاعلمه‏]‏ موقوفًا، ورواه أيوب السخيتنايي عن محمد بن المنكدر من قوله‏:‏ لم يجاوز به، ثم روي بإسناد صحيح من جهة روح بن القاسم عن محمد بن المنكدر عن عبد اللّه بن عمر، قال‏:‏ إذا بلغ الماء أربعين قلة لم ينجس، ثم أخرج رواية سفيان من جهة وكيع‏.‏ وأبي نعيم عنه عن محمد بن المنكدر عن عبد اللّه بن عمر، وقال‏:‏‏:‏ إذا كان الماء أربعين قلة لم ينجسه شيء، وأخرج رواية معمر أيضًا من جهة عبد الرزاق عن غير واحد عنه ‏[‏أي عن غير واحد عن عبد الرزاق، لا عن غيره، أحد عن معمر، واللّه أعلم‏]‏ وأخرج رواية أيوب عن محمد بن المنكدر، قال‏:‏ إذا بلغ الماءء أربعين قلة لم ينجس، أو كلمة نحوها، وروى الدارقطني أيضًا من جهة بشر بن السري عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سليمان بن سنان عن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن أبيه، قال‏:‏ إذا كان الماء أربعين قلة لم يحمل خبثًا، قال الدارقطني‏:‏ كذا قال، وخالفه غير واحد، رووه عن أبي هريرة، فقالوا‏:‏ أربعين غربًا، ومنهم من قال‏:‏ أربعين دلوًا، وسليمان بن سنان سمع ابن عباس‏.‏ وأبا هريرة، قاله البخاري في ‏"‏تاريخه‏"‏‏.‏

وأما الاضطراب في معناه، فقيل‏:‏ إن القلة - اسم مشترك - يطلق على الجرة‏.‏ وعلى القربة‏.‏ وعلى رأس الجبل، وروى الشافعي ‏[‏رواه البيهقي عنه‏:‏ ص 163‏]‏ في تفسيرها حديثًا، فقال في ‏"‏مسنده‏"‏ أخبرني مسلم بن خالد الزنجي عن ابن جريج بإسناد لا يحضرني ذكره أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ ‏"‏إذا كان الماء قلتين لم يحمل خبثًا‏"‏، وقال في الحديث‏:‏ ‏"‏بقلال هجر‏"‏، قال ابن جريج‏:‏ وقد رأيت قلال هجر، فالقلة تسع قربتين، أو قربتين وشيئًا، قال الشافعي‏:‏ فالاحتياط أن يجعل القلة قربتين ونصفًا، فإذا كان الماء خمس قرب كبار، كقرب الحجاز لم يحمل نجسًا، إلا أن يظهر في الماء ريح أو طعم أو لون، انتهى‏.‏ وهذا فيه أمران‏:‏ أحدهما‏:‏ أن سنده منقطع، ومن لا يحضره مجهول فلا يقوم بهذا الحجة عنده‏.‏ والثاني‏:‏ أن قوله‏:‏ وقال في الحديث‏:‏ ‏"‏بقلال هجر‏"‏ يوهِم أن هذا من قول النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وليس كذلك، فروى الدارقطني من حديث أبي بكر عبد اللّه بن محمد بن زياد النيسابوري عن أبي حميد عن حجاج عن ابن جريح، قال‏:‏ أخبرني محمد بن يحيى، فذكره، قال محمد بن يحيى‏:‏ ‏[‏يحتاج إلى كشف حاله‏]‏‏:‏ قلت ليحيى بن عقيل‏:‏ أيُّ قلال‏؟‏ قال‏:‏ قلال هجر، قال محمد‏:‏ فرأيت قلال هجر، فأظن كل قلة تسع قربًا ‏[‏في ‏"‏س‏"‏ تأخذ فرقين، وهكذا في ‏"‏البيهقي‏"‏‏.‏‏]‏، قال‏:‏ وإسناد الاول أحفظ ‏[‏لم يفرق المخرج كلام الدارقطني عن غيره، والظاهر أن هذا القول والذي بعده ‏"‏فهذان الوجهان‏"‏ وكذا ‏"‏ثم الطريق التي ذكرها البيهقي أن إسنادها أحفظ‏"‏ لا يرتبط بعضها مع بعض، بل وقع الخرم والقطع في العبارة، وأن قائل هذا القول البيهقي في ‏"‏سننه‏"‏ ص 262، فإنه روى حديث النيسابوري من طريق ابن الحارث عن الدارقطني‏.‏ وأبي حامد أحمد بن علي عن زاهر بن أحمد عنه بنحو ما ذكره الزيلعي، إلا أن فيه‏:‏ ‏"‏فأظن كل قلة تأخذ الفرقين‏"‏ كا في ‏"‏الدارقطني‏"‏ أيضًا، ثم قال البيهقي‏:‏ زاد أحمد بن علي في روايته‏:‏ ‏"‏والفرق ستة عشر رطلًا‏"‏ اهـ‏.‏ ثم روى الحديث من طريق آخر، وفيها قال محمد‏:‏ قلت ليحيى بن عقيل‏:‏ أيّ قلال‏؟‏ قال‏:‏ قلال هجر، قال محمد‏:‏ فرأيت قلال هجر، فأظن كل قلة تأخذ قربتين، قال‏:‏ والإسناد الأول أحفظ، اهـ‏.‏ قلت‏:‏ هذا الكلام مرتبط بعضه ببعض‏]‏، فهذان الوجهان ليس فيهما رفع هذا الكلمة إلى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، ولو كان مرسلًا، فإن يحيى بن عقيل ليس بصحابي، ثم الطريق التي ذكر البيهقي أن إسنادها أحفظ يقول فيها‏:‏ فأظن أن كل قلة تحمل قربتين، والقربة تسع عشر رطلًا، فيكون مجموع القلتين أربعة وستين رطلًا، وهذا لا يقول به، والرواية الأخرى - كل قلة قربتين - يقتضي أن القلتين أربع قرب، وقد روى ابن عدي في ‏"‏الكامل‏"‏ من حديث المغيرة بن سقلاب عن محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏"‏إذا كان الماء قلَّتين لم ينجسه شيء‏"‏ والقلة‏:‏ أربع آصع، قال‏:‏ والمغيرة ترك طريق هذا الحديث، وقال‏:‏ عن ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر، وكان هذا أسهل عليه، ومحمد بن إسحاق يرويه عن عبيد اللّه بن عبد اللّه عن ابن عمر، ثم روى ابن عدي من طريق المغيرة أيضًا عن محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏إذا كان الماء قلتين من قلال هجر لم ينجسه شيء‏"‏ ويذكر أنهما فرقان، قال ابن عدي‏:‏ قوله في ‏"‏متنه‏"‏‏:‏ من قلال هجر غير محفوظ، لا يذكر إلا في هذا الحديث من رواية مغيرة هذا، عن محمد بن إسحاق، قال‏:‏ ومغيرة بن سقلاب يكنى ‏"‏أبا بشر‏"‏ منكر الحديث، ثم أسند إلى أبي جعفر بن نفيل، قال‏:‏ المغيرة بن سقلاب لم يكن مؤتمنًا على حديث رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال ابن عدي‏:‏ وعامة ما يرويه لا يتابع عليه، فهذا الحديث ذكر فيه قلال هجر، وذكر أنهما فرقان، وهذا لا يقول به من حزرهما ‏[‏وفي نسخة ‏"‏حددهما‏"‏‏]‏ بخمسمائة رطل أو أكثر، وأخرج الدارقطني ‏[‏ص 9‏]‏ من حديث عبد العزيز بن أبي رَزمة عن حماد بن زيد عن عاصم بن المنذر، قال‏:‏ القلال‏:‏ الجواني العظام، وأخرج أيضًا ‏[‏ص 7، والبيهقي‏:‏ ص 264‏]‏ من جهة الحسن بن عرفة سمعت هشيمًا، يقول‏:‏ القلتان‏:‏ هما الجرتان الكبيرتان، وقال ابن مندة‏:‏ قال الأوزاعي‏.‏ وأصحابه‏:‏ القلة ما تقلد اليد ‏"‏أي ترفعه‏"‏ وأخرج البيهقي ‏[‏ص 264‏]‏ من جهة عبد الرحيم بن سليمان، سألت أحمد بن إسحاق عن القلتين، فقال‏:‏ هي الجرار التي يستقى فيها الماء‏.‏ والدواريق، وأخرج عن وكيع، قال‏:‏ هي الجرة، وقال البيهقي في ‏"‏كتاب المعرفة‏"‏‏:‏ وقلال هجر كانت مشهورة عند أهل الحجاز، ولشهرتها عندهم شبه رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ما رأى ليلة المعراج من نبق سدرة المنتهى بقلال هجر، فقال في حديث مالك بن صعصعة‏:‏ ‏"‏رفعت إلى سدرة المنتهى، فإذا ورقها مثل أذان الفيلة، وإذا نبقها مثل قلال هجر‏"‏ قال‏:‏ واعتذار الطحاوي ‏[‏إشارة إلى قول الطحاوي، فإن كان الخبر على ظاهره، كما ذكرتم، فإنه ينبغي أن يكون الماء إذا بلغ ذلك المقدار لا يضره النجاسة، وإن غيرت لونه أو طعمه أو ريحه، لأن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ لم يذكر ذلك في الحديث، فالحديث على ظاهره، اهـ‏.‏ ص 9‏]‏ في ترك الحديث أصلًا، بأنه لا يعلم مقدار القلتين، لا يكون عذرًا عند من علمه، و كذلك ترك القول ببعض الحديث بالاجماع لا يوجب تركه فيما لم يجمع عليه، وتوقيته بالقلتين لمنع من حمله على الماء الجاري على أصله، انتهى كلامه ‏[‏قال أبو عمر في ‏"‏التمهيد‏"‏‏:‏ ما ذهب إليه الشافعي من حديث القلتين مذهب ضعيف من جهة النظر، غير ثابت في الأثر، لأنه حديث تكلم فيه جماعة من أهل العلم، ولأن القلتين لا يوقف على حقيقة مبلغهما في أثر ثابت ولا إجماع، وذكر ابن جرير الطبري في ‏"‏التهذيب‏"‏ معنى هذا الكلام ‏"‏الجوهر النقي‏"‏ ص 265 - ج 1، وقال ابن حزم في ‏"‏المحلى‏"‏ ص 154 - ج 1‏:‏ أما الشافعي فليس حده في القلتين بأولى من حد غيره، فمن فسر القلتين بغير تفسيره، فإن قيل‏:‏ إنه عليه السلام ذكر قلال هجر في حديث الإسراء‏؟‏ قلنا‏:‏ نعم، وليس ذلك يوجب أنه عليه السلام متى ذكر قلة الماء، أراد قلال هجر، وليس تفسير ابن جريج بأولى من تفسير مجاهد الذي قال‏:‏ هما جرتان، وتفسير الحسن كذلك‏:‏ إنها أي جرة كانت‏]‏‏.‏